إن ما يحدث بشكل طبيعي ويومي حول العالم هو الإكتظاظ السكاني في المدن الكبيرة والرئيسة وهي ظاهرة متنامية تناولتها الكثير من الدراسات والبحوث، لأن الإنتقال من المدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة ومن أطراف المدن إلى وسطها يحدث بسبب الأمل في الحصول على حياةٍ أفضل من خلال العمل في المؤسسات الصناعية والمراكز الكبرى وطمعاً في الحصول على خدمات اكبر من الموجودة في المدن الصغيرة والارياف، وتعاني أغلب دول العالم من العشوائيات، وتظل هذه الظاهرة في ازدياد بالرغم من تنبه الدول والحكومات لمخاطرها. مرت مدينة بني وليد بمراحل تطور متعددة ومختلفة ابتداءً من العيش في الخيام والكهوف والتجمعات السكنية الصغيرة ثم الكبيرة، فضلاً عن أن العوامل الإقتصادية والسياسية والأمنية قد لعبت دوراً مهما في تحديد أسلوب العيش داخل التجمعات السكانية. بدأت المشاريع الإسكانية في الظهور على أرض الواقع مؤذنةً بتحولٍ جذريٍ في نمط العيش من العشوائيات التي فرضتها الظروف الاقتصادية إلى نواة حياةٍ مدنيةٍ بعد تنفيذ عدد من المباني السكنية في منتصف الخمسينيات، ومرت المدينة من بعدها بظروف افضل ابتداءٍ من ثمانينات القرن الماضي حيث نالت نصيبها من التخطيط العمراني وان شابه عدم الإلتزام وظهور بعض العشوائيات بالإضافة إلى مشاكل البناء العشوائي التي سبقت فترة التخطيط العمراني، لتعود هذه العشوائيات بشكل كبير بسبب الهجرة العكسية في العشر سنوات الأخيرة. تناولت هذه الورقة موضوع التخطيط العمراني في مدينة بني وليد ومدى تأثر التوزيع السكاني بالهجرة العكسية الناتجة عن تردي الاوضاع الأمنية والإقتصادية، و خلُصت الدراسة إلى أن التوسع العشوائي في المدينة في ازديادٍ مضطرد داخل المخطط السكني وخارجه، مما يسبب إرباكاً كبيراً وعبئاً مالياً مستقبلياً على أي محاولة للإصلاح او الإنطلاق في تنفيذ المخططات السكنية ومشاريع البنى التحتية.
Download